يجب ألا ينظر لعملية التخطيط والبرمجة لأعمال التشييد كأحد الألغاز المحيرة في الحياة وإنما ينبغي أن ينظر إليها كتطبيق للفطرة السليمة وتحليل منطقي للمشروع ومكوناته ومعرفة متعمقة بأساليب التشييد والمواد والممارسات المختلفة.

فعملية التخطيط ببساطة عملية تأمل فيما يجب فعله، يقف عندها الشخص قبل البدء في التنفيذ الفعلي للبرامج ولا بد أن تنطوي عملية التخطيط على إجابات للأسئلة الأولية التالية :

  • هل هنالك من المواد ما يستدعي طلبها مقدما وقبل وقت الحاجة إليها بسبب الندرة في تلك المواد أو بسبب طول مدة التصنيع أو ما شابه ذلك من أسباب تؤدي لتأخر وصولها ؟
  • هل هنالك أجزاء من المشروع تتأثر بقصور خدمات المرافق العامة من مياه وكهرباء وغاز أو أي خدمات أخرى مشابهة ؟ وإن كان هنالك فعلا أي نوع من القصور فهل تم الاتصال بالجهة مقدمة تلك الخدمة لمعرفة المدة القصور التي سوف يتأثر بها المشروع من جراء توقف الخدمة المعينة والوقت من اليوم الذي تمتنع فيه الخدمة وتواريخ انقطاع توصيل تلك الخدمة من السنة وما شابه ذلك من موانع ؟
  • هل يستدعي الحال توصيل تمديدات مؤقتة تمر بمنطقة التشييد وهل ستكون هنالك حاجة لعمل طرق مؤقتة لتحويل حركة المرور؟ من الذي سيقدم مثل هذه المرافق المؤقتة أي المصادر يمكن الحصول عليها ؟
  • هل تم الاتصال بممثلي العمال بالمنطقة لتحديد المسئوليات القانونية فيما يتعلق بالتعامل مع أصحاب المهن المختلفة وتحديد القوانين العمالية السائدة في المنطقة المعينة ؟
  • هل تم تأمين أماكن ليستخدمها المقاول في أعماله العادية وفي التخزين ؟
  • هل تم التعرف على القوانين المحلية المنظمة لحركة المرور، وهل سيسمح لمعدات التشييد استخدام الطرق العامة. وهل سيسمح بقفل الطرق أمام المرور بمنطقة التشييد، وهل ستكون هنالك حاجة لوسائل خاصة للتحكم في حركة المرور؟ وهل يستدعي الحال وجود عامل لإرشاد الحركة في منطقة التشييد ؟
  • هل من حاجة للعبارات المؤقتة شاملا ذلك الكباري المؤقتة وما شابهها لتسهيل الوصول بين أماكن السكن وأماكن العمل أثناء فترة التنفيذ للمشروع ؟
  • هل سيتم أي نوع من التنسيق مع المقاولين العاملين في المنطقة لإكمال أعمال المشروع ؟
  • هل يتوقف بدء العمل ببعض النشاطات على إتمام أعمال مقاول آخر أو يعتمد على خدمة عامة مقدمة من جهة ما ؟
  • هل هنالك ضوابط بيئية معينة يقتضي تطبيقها، وما هي ؟
  • هل هنالك قوانين خاصة مقيدة لتنفيذ الأعمال مثل تلك التي تخص ( إدارة الطيران المدني او العسكري) التي تتعلق بالعمل في المطارات؟
  • هل تستدعي الأعمال استخدام معدات خاصة، وهل تستخدم هذه المعدات الطرق الموجودة أم تحتاج لطرق وشوارع خاصة لسحبها عليها. وما هي الحمولة القصوى للكباري وارتفاعها بالمنطقة ؟
  • هل المدة المقررة لإتمام المشروع ملائمة بالنسبة لموقع المشروع والفصل من السنة، أم يحتاج المشروع لزيادة في عدد العاملين وزيادة في الوقت ؟

 

ولكل من هذه الموضوعات المذكورة أهمية قصوى فيما يتعلق بالتخطيط للمشروع ويمكن أن تبدأ علمية التخطيط الحقيقية للمشروع بعد تحديد القيود والضوابط المختلفة ويمكن أن تقسم المشاريع الكبيرة إلى مراحل منفصلة وقد يكون مسئولا عن هذه المراحل المختلفة في بعض الحالات مقاول عام واحد. بعد أن يكون قد تم التخطيط لتلك المراحل بطريقة تتابعية معينة وفي حالات أخرى يمكن أن يبدأ العمل في جزء من الاعمال حتى وقبل اكتمال جميع إعمال التصاميم ويمكن للمقاول استخدام هذه الطريقة بدخوله في عقد تشييد مرحلي : ( طريقة التنفيذ السريع ) حيث إنه بمجرد الانتهاء من تصميم مرحلة لمعينة من المشروع يسرع مباشرة في التعاقد على تنفيذها.

 

بعد الانتهاء من الإجابة على الأسئلة السابقة، يتم تحديد وترتيب عمليات المشروع في مخطط شبكي كمخطط المسار الحرج، ثم يضاف إلى ذلك جداول كميات الأعمال وتقديرات التكاليف المختلفة وبهذا نحصل على خطة واضحة ممكنة التطبيق، تلك الخطة هي التي يمكننا اعتبارها نظام فرعي بشكل جزء ” من نظام إدارة المشروع. وهذه الخطة تعتبر خطة أولية، يقوم المخطط بتحليلها وتكرار تحليلها في كل مرحلة من مراحل بناء نظام المشروع حتى يصل إلى تطوير أفضل الحلول الممكنة، ويتوقف ذلك على استمرار تدفق المعلومات التي تشكل مدخلات الخطة، مثل التصاميم المعمارية والإنشائية والمواصفات والتعليمات المفسرة من المالك أو المستشار أو الخبراء المختصين في ما يتعلق بالموارد المتاحة وطرق الإنشاء الممكنة والمواد والعمالة والتمويل، أما المخرجات المطلوبة فهي خطة مجدولة لتنفيذ المشروع ضمن التكاليف المحددة والزمن المحدد والجودة المطلوبة، وبالطبع فإن الخطط المهلهلة تعطي مخرجات أيضاً ولكنها مخيبة للآمال غالباً، كالهدر والتأخير والتجاوزات والحوادث والمفاجآت القاسية.

ويجدر بالذكر أن المخطط خلال تطويره للخطة يكون محكوماً بالتسلسل المنطقي لعمليات المشروع، فلا يمكنه اقتراح تشغيل مضخة قبل توصيلها بشبكة الأنابيب الملحقة بها، كما أنها محكوم لظروف مختلفة تتحكم في الخطة مثل حدود الموارد المتاحة والحدود القصوى لفترة المشروع وطرق الإنشاء المتاحة فالظروف التي تحكم المهندس الذي يخطط لتنفيذ مشروعه باستخدام الخلاطات المركزية ومضخات الخرسانة، غير الظروف التي تحكم مهندساً ” آخر ينفذ مشروعه بالخلط اليدوي والنقل بالتنك على السقائل !