هو أن الأطراف المتنازعة تقوم بتنازل متبادَل، وعلى هذا، فالأطراف المتنازعة تحل المشكلة بنفسها وقد تلجأ إلى بعض المصالحين الذين لا يعتبرون محكمين بالصلح، لأن قرارهم لا تكون له قوة إلزامية إلا عند قبوله صراحة، أما في التحكيم فهم يحضرون بصفتهم خصوماً في قضية يدير إجراءاتها المحكمون، والذين هم ليسوا أطرافاً في النزاع، كما أن الحكم الذي يصل إليه المحكمون مُلزم لهم.
الضوابط الشرعية للصلح :
الفرق بين التحكيم والصُلْح :
إن نظامي التحكيم والصلح يتميزان عن بعضهما البعض. ففي الصلح تعمد الأطراف المتنازعة إلى القيام بتنازل متبادل فيتنازل كل منهم عن بعض من حقوقه نظير قيام الآخر بشئ مماثل وذلك لحسم النزاع الذي قد يوجد فيما بينهم، والحقيقة أنه في النظام القانوني للصلح تَفْصلُ الأطراف المتنازعة في أمرها، أما في التحكيم فإن الأطراف يحضرون فيه بصفتهم خصوماً في قضية تدور إجراءاتها أمام المحكم الذي يكون شخصاً آخر ومن جهة أخرى ففي الصلح نجد تنازلاً متبادلا من كل طرف عن جزء من حقوقه أما في التحكيم فقد يكسب أحد الأطراف كل القضية، فالأشخاص بصدد نزاع ما، يتجهون إلى شخص أو أكثر من غير المتنازعين لكي يجد لهم حلا للنزاع الناشب بينهم والحل الذي يصل إليه هذا المصالح قد يكون محل قبول من هؤلاء الأشخاص ويصلح بالتالي لكي يكون أساساً للقيام في مرحلة تالية بإجراء الصلح ؛ واللجوء إلى المصالحين يتم في الواقع دون التقيد بأي قواعد إجرائية أو موضوعية ورغم هذه الخاصية غير القانونية لهذا النوع من أنواع الحلول الاجتماعية فإنه يعتبر رغم ذلك نظاما مقصورا وقوعه في المجال القانوني ولا يعتبر هؤلاء الأشخاص المصالحون كمحكمين بالقضاء أو محكمين بالصلح لسبب واضح، هو أن القرار أو الحل الذي يصلون إليه لا تكون له أى قوة إلزامية للأشخاص الذين يلجأون إلى هذه الطريقة إلا إن قبلوا رأى أغلب الفقهاء لذا فإن ما يقوم به المصالحون لابد أن يكون مقدمة أو اقتراحا لانعقاد صلح مباشر فيما بين الخصوم أي أن مساهمة المصالحين في هذه العملية لا تعدو أن تكون مجرد حدث ذي قيمة معنوية للخصوم على إجراء الصلح المرتقب.
وإذا حسم النزاع بالصلح فإنه لا يجوز لأي من المتصالحين أن يجدد النزاع لا بإقامة دعوى به ولا بالمضي في الدعوي التي كانت مرفوعة بما حسمه الطرفان صلحا وانقضاء ولاية المحكمة في الفصل في النزاع بما يعني انتهاء الخصومة، وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ويتعين نقضه والحكم بانتهاء الخصومة، ويلزم لانعقاد الصلح وجوب أن يتنازل كل من الطرفين على وجه التقابل عن جزء من ادعائه في سبيل الحصول على الجزء الباقي حسماً للنزاع القائم بينهما أو توقيا لنزاع بينهما فإن لم يكن هناك نزولا عن إدعاءات متقابلة فلا يعد ذلك صلحاً ولا فإن يحتسم به النزاع القائم بين الخصوم – ولمحكمة الموضوع من بعد بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى استخلاص ما تراه من موقف الخصمين على هذا النحو متى كان ما تستنبطه سائغا له معينه من أوراق الدعوى.
نظام التوفيق للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (يونيسترال 1980م)
المادة 1 نطاق التوفيق:
( 1 ) ينطبق نظام التوفيق هذا في المنازعات الناشئة عن، أو المتصلة بعلاقة تعاقدية أو قانونية أخرى، حيثما يتفق الطرفان اللذان يلتمسان تسوية ودية للنزاع على انطباق نظام التوفيق للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي.
( 2 ) للطرفين أن يتفقا على استبعاد أو تغيير أية قاعدة من هذا النظام.
( 3 ) عندما تتعارض أية قاعدة من هذا النظام مع حكم من أحكام القانون التي لا يستطيع الطرفان مخالفتها، يكون السبق لحكم القانون.
المادة 2 بدء إجراءات التوفيق :
( 1 ) يرسل الطرف الذي يبادر باللجوء إلى الطرف الآخر دعوة مكتوبة إلى التوفيق بموجب هذا النظام ويحدد فيها بإيجاز موضوع النزاع.
( 2 ) تبدأ إجراءات التوفيق عندما يقبل الطرف الآخر الدعوة إلى التوفيق. إذا صدر القبول شفاهيـًا يستصوب تأكيده كتابة.
( 3 ) لا تكون إجراءات للتوفيق في حالة رفض الطرف الآخر للدعوة.
( 4 ) إذا لم يتسلم الطرف الذي وجه الدعوة ردا خلال ثلاثين يومـًا من تاريخ إرسالها أو عند انتهاء المدة المحددة فيها، له أن يعتبر عدم الإجابة رفضـًا للدورة وفى هذه الحالة يبلغ الطرف الآخر بذلك.
المادة 3 عدد الموفقين
يتولى التوفيق موفق واحد ما لم يتفق الطرفان على موفقين أو ثلاثة. وعندما يكون هناك أكثر من موفق واحد يجب ( كقاعدة عامة ) أن يعملوا مجتمعين.
المادة 4 تعيين الموفقين
( 1 ) ( أ ) في إجراءات التوفيق من قبل موفق واحد، يسعى الطرفان على اسم موفق واحد.
( ب ) في إجراءات التوفيق من قبل موفقين اثنين، يقوم كل طرف بتعيين موفق واحد.
( ج ) في إجراءات التوفيق من قبل ثلاثة موفقين، يقوم كل طرف بتعيين موفق واحد، ويسعى الطرفان إلى الاتفاق على اسم الموفق الثالث.
( 2 ) للطرفين أن يطلبا من مؤسسة مناسبة أو من شخص مناسب مساعدتهما في تعيين الموفق، وبوجه خاص.
( أ ) يجوز لأحد الطرفين أن يطلب من تلك المؤسسة أو من ذلك الشخص أن يوصى بأسماء أشخاص مناسبين للقيام بمهمة التوفيق.
( ب ) يجوز للطرفين أن يتفقا على قيام تلك المؤسسة أو الشخص مباشرة بتعيين موفق واحد أو أكثر.
يراعى الشخص أو المؤسسة، عند التوصية بأسماء الذين يراد لهم القيام بمهمة التوفيق أو عند تعيينهم الاعتبارات التي يرجح أن تضمن تعيين موفق مستقل ومحايد، وفى حالة تعيين موفق واحد أو الموفق الثالث، يراعى كون الشخص الذي يعين موفقا تختلف جنسيته عن جنسيتي طرفي النزاع.
المادة 5 تقديم البيانات إلى الموفق
( 1 ) يطلب الموفق بعد تعيينه، من كل من الطرفين أن تقدم إليه مذكرة مكتوبة موجزة يعرض فيها الطبيعة العامة للنزاع، ونقاط الخلاف، ويرسل كل طرف إلى الآخر نسخة من مذكرته.
( 2 ) للموفق أن يطلب من كل واحد من الطرفين أن يقدم إليه مذكرة أخرى مكتوبة، يوضح فيها موقفه وكذلك الوقائع، والأسباب التي يستند إليها معززة بالمستندات، والأدلة الأخرى التي يرى الطرف المذكور أنها مناسبة ويرسل كل طرف نسخة من مذكرته إلى الطرف الآخر.
( 3 ) للموفق في جميع مراحل إجراءات التوفيق أن يطلب من أي الطرفين أن يقدم إليه ما يراه مناسبـًا من معلومات إضافية.
المادة 6 التمثيل والمساعدة
ويجوز أن يمثل الطرفين أو يساعدهما أشخاص من اختيارهما وتُبلَّغ أسماء وعناوين هؤلاء الأشخاص كتابة إلى الطرف الآخر وإلى الموفق. ويُحدد في التبليغ ما إذا كان الاختيار لغرض التمثيل أو المساعدة.
المادة 7 دور المُوفِّق
( 1 ) يساعد الموفق الطرفين في محاولتهما للوصول إلى تسوية للنزاع بأسلوب يتسم بالاستقلال والحياد.
( 2 ) يسترشد الموفق بمبادئ الموضوعية والنزاهة والعدالة، آخذا بعين الاعتبار، في جملة أمور، حقوق والتزامات الطرفين والعادات المتبعة في العمل التجاري المماثل والظروف المحيطة بالنزاع، بما في ذلك العادات التجارية السابقة بين الطرفين.
( 3 ) للموفق أن يُنَفِّذ إجراءات التوفيق وفق الطريقة التي يراها مناسبة، آخذًا في الحسبان الظروف المحيطة بالقضية، والرغبات التي يعبر عنها الطرفان بما في ذلك أي طلب من طرف بأن يستمع الموفق إلى بيانات شفوية، والحاجة إلى السرعة في تسوية النزاع.
( 4 ) للموفـق، في أي من مراحل إجراءات التوفيق، أن يتقدم بمقترحات لتسويـة النـزاع، ولا حاجـة لأن تكون هذه المقترحات مكتوبة أو مشفوعة ببيـان أسبابها.
المادة 8 المساعدة الإدارية
للطرفين أو للموفق بموافقة الطرفين اتخاذ ترتيبات للحصول على مساعدة إدارية من مؤسسة مناسبة أو شخص مناسب، بغية تسهيل تنفيذ إجراءات التوفيق.
المادة 9 الاتصالات بين المُوفِّق والطرفين
( 1 ) للموفق أن يدعو الطرفين إلى الاجتماع به، كما له أن يتصل بهما شفاهيـًا أو كتابة وله أن يجتمع بالطرفين أو يتصل بهما مجتمعين أو كل على حدة.
( 2 ) ما لم يتفق الطرفان على مكان اجتماعهما مع الموفق، يقـوم الموفـق بعد التشاور مع الطرفين بتحديد المكان مراعيـًا بذلك الظروف المحيطة بإجـراءات التوفيـق.
المادة 10 إفشاء المعلومات
عندما يتسلم الموفق من أحد الطرفين معلومات وقائعية بشأن النزاع، يُبَلِّغ فحوى تلك المعلومات إلى الطرف الآخر لفرصة تقديم ما يراه مناسبـًا من إيضاح، بيد أنه عندما يعطى أحد الطرفين معلومات إلى الموفق بشرط بقائها سرية، لا يبلغ الموفق تلك المعلومات.
المادة 11 تعاون الطرفين مع الموفق
يتعاون الطرفان بحسن النية مع الموفق، ويسعيان بوجه خاص إلى الاستجابة لطلبات الموفق بتقديم مواد مكتوبة، وتوفير الأدلة، وحضور الاجتماعات.
المادة 12 مقترحات الطرفين لتسوية النزاع
لأي من طرفي النزاع أن يقدم إلى الموفق، سواء بمبادرة منه هو أو بدعوة من الموفق، مقترحات لتسوية النزاع.
المادة 13 اتفاق التسوية
( 1 ) عندما يبدو للموفق أن ثمة عناصر للتسوية يمكن قبولها من الطرفين، يقوم بصياغة الشروط لتسوية ممكنة ويقدمها إلى الطرفين لإبداء ملاحظاتهما عليها وللموفق بعد استلامه ملاحظات الطرفين أن يعيد صياغة شروط التسوية على ضوء تلك الملاحظات.
( 2 ) إذا توصل الطرفان إلى اتفاق لتسوية النزاع، يقومان بإعداد وتوقيع اتفاق تسوية ويقوم الموفق بصياغة اتفاق التسوية أو بمساعدة الطرفين على صياغته إذا طلب الطرفان ذلك منه.
( 3 ) يُنْهى الطرفان النزاع بتوقيعهما اتفاق التسوية وهما ملزمان بالاتفاق.
المادة 14 الســرية
على الطرفين والموفق الاحتفاظ بسرية ما يتعلق بإجراءات التوفيق، وتمتد هذه السريـة لتشمل اتفاق التسوية، إلا أن يكون نشره ضروريـًا لأغراض التنفيذ والتطبيق.
المادة 15 إنهاء إجراءات التطبيق
تنتهي إجراءات التوفيق :
( أ ) بتوقيع الطرفين على الاتفاق، في تاريخ عقد الاتفاق.
( ب ) بإعلان كتابي يصدر عن الموفق بعد التشاور مع الطرفين، يبين أنه لا يوجد ما يسوغ القيام بمزيد من جهود التوفيق، في تاريخ صدور الإعلان.
( ج ) بإعلان كتابي يصدر عن الطرفين ويوجه إلى الموفق بإنهاء إجراءات التوفيق، في تاريخ صدور الإعلان.
( د ) بإعلان كتابي يوجهه أحد الطرفين إلى الطرف الآخر وإلى الموفق في حالة تعيينه بإنهاء إجراءات التوفيق، في تاريخ صدور الإعلان.
المادة 16 اللجوء إلى الإجراءات التحكيمية، أو القضائية
يتعهد الطرفان بعدم الشروع في أثناء إجراءات التوفيق، بأى إجراءات تحكيمية أو قضائية فيما يتعلق بنزاع يكون موضوعـًا لإجراءات التوفيق إلا أنه يجوز لأي من الطرفين أن يشرع في إجراءات تحكيمية، أو قضائية حيثما كانت هذه الإجراءات، في رأيه، ضرورية للمحافظة على حقوقه.
المادة 17التكاليــف
( 1 ) عند إنهاء إجراءات التوفيق، يحدد الموفق تكاليف التوفيق ويُخْطر بها الطرفين كتابة، ولا يشمل مصطلح ( التكاليف ) إلا ما يلي :
( أ ) أتعاب الموفق، وتتمثل في مبلغ معقول.
( ب ) نفقات السفر والنفقات الأخرى التي يتكبدها الموفق.
( ج ) نفقات السفر والنفقات الأخرى للشهود الذين يطلب الموفق استدعاءهم يرضى الطرفين.
( د ) تكلفة أية مشورة خبراء يرضى الطرفين.
( هـ ) تكلفة أية مساعدة مقدمة عملاً بالفقرة 2 ( ب ) من المادة 4 والمادة 8 من هذا النظام.
( 2 ) يتحمل الطرفان التكاليف، على النحو المحدد أعلاه، بالتساوي، إلا إذا نص اتفاق التسوية على توزيع التكاليف بشكل آخر. وجميع النفقات التي يتكبدها أحد الطرفين يتحملها ذلك الطرف بمفرده.
المادة 18 الدفعات تحت الحساب
( 1 ) للموفق لدى تعيينه أن يطلب من الطرفين كليهما إيداع مبلغين متساويين كسلفة لتغطية التكاليف المشار إليها في الفقرة (1) من المادة 17.
( 2 ) للموفق أن يطلب في أثناء إجراءات التوفيق، إيداع مبالغ تكميلية من الطرفين بالتساوي.
( 3 ) إذا لم تُسدد الدفعات المطلوبة تحت الحساب بموجب الفقرتين
( 1 ) و ( 2 ) من هذه المادة كاملة في خلال ثلاثين يومـًا فللموفق أن يعلن الإجراءات أو أن يوجه إلى الطرفين إعلانـاً كتابيـاً بإنهائها اعتبارًا من تاريخ الإعلان.
( 4 ) لدى إنهاء إجراءات التوفيق يقدم الطرفان إلى الموفق حسابـًا بالمبالغ المدفوعة إليه تحت الحساب ويعيد إليهما أي رصيد لم يُنْفق.
المادة 19 دور الموفق في الإجراءات اللاحقة
يتعهد الطرفان والموفق بألا يعمل كمحكم أو ممثل أو محام لأحد الطرفين في أية إجراءات تحكيمية أو قضائية بشأن نزاع هو موضوع إجراءات التحقيق. ويتعهد الطرفان بعدم تقديم الموفق كشاهد في أي من هذه الإجراءات.
المادة 20 مقبولية الأدلة في الإجراءات الأخرى
يتعهد الطرفان بعدم الاعتماد على ما يلي أو استخدامه في أي إجراءات تحكيمية أو قضائية، سواء أكانت هذه الإجراءات متصلة بالنزاع الذي هو موضوع إجراءات التوفيق أم لم يكن :
( أ ) الآراء التي أعلن عنها الطرف الآخر أو المقترحات التي قدمها بشأن تسوية ممكنة للنزاع.
( ب ) إقرارات الطرف الآخر أثناء إجراءات التوفيق.
( ج ) الاقتراحات التي قدمها الموفق.
( د ) كوْنُ الطرف الآخر قد أبدى استعداده لقبول اقتراح للتسوية قدمه الموفق.
شرط التوفيق النموذجي
حينما يرغب الطرفان في حاله حدوث نزاع ناجم عن هذا العقد أو يتصل به في التماس تسوية ودية عن طريق التوفيق يتم التوفيق طبقاً لنظام التوفيق للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي النافذ حالياً ويجوز للطرفين الاتفاق على أحكام أخرى للتوفيق.